الكاتب فؤاد آل مكي    الثلاثاء, 26 مايو 2009 14:27    PDF طباعة إرسال إلى صديق
نحن والقرآن الكريم: علاقة الأباء والأبناء 1-2

 

بقلم: فؤاد علي آل مكي

بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ( ) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) 1 .. صدق الله العلي العظيم
• منهجية القرآن الكريم
أنعم الباري جل وعلى علينا نحن بني البشر بنعم كثيرة يعجز الفكر الإنساني عن إحصائها. ومن هذه النعم الجزيلة هي وجود القرآن الكريم ، فالقرآن يحوي معلومات ومفاهيم جمة لا يزال العقل البشري لم يصل إلى محتواها وفهمها بعد.
فمن سبل الهداية التي يجب أن نستلهمها من القرآن الحكيم الوعي لما ترمي إليه المفاهيم القرآنية الجميلة والتي منها بناء العلاقات فيما بين أفراد الأسرة و بناء العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد كذلك ، وقد بيين لنا سبحانه طرق وأساليب التعايش على أساس وجود الاختلافات العرقية والفكرية لكل شخص وأهمية قبول التعددية والحرية في الحياة .ولكننا كثيراً ما نجد المشاكل والأزمات في تلك العلاقات وتوترها بشكل دائم بسبب البعد المنهجي عن فهم القرآن الكريم وآياته وتأمل معانيه، لذا نجد أن لدينا القصور الواضح في تتبع المواصفات التي يقدمها لنا الباري جل وعلا عن طريق الآيات القرآنية.
• قصر الوعي بمفهوم الآيات القرآنية
إن قراءة آيات القرآن الكريم بشكل دائم لهو شيء جميل وقد حثنا عليه أئمة الهدى عليهم أفضل الصلاة والسلام وهو السبيل الذي أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وآله بالتمسك به إلى أخر العهد في هذه الدنيا، ولكننا للأسف أخذنا بظاهر الأحاديث ولم نتمعن في مضمونها. و الغالب ما يقصد من تلك الأحاديث الشريفة هو التمعن في آيات القرآن الكريم والعمل الفعلي على تطبيق معانيها في مجمل تعاملاتنا اليومية مع الجميع. و لهذا السبب نجد أن هنالك اختلافات فكرية ومنهجية هي بعيده كل البعد عن المفهوم القرآني. و من هذه التعاملات التي تأثرت بعدم تطبيق المفهوم القرآني في حياتنا اليومية هي العلاقات الأسرية، وبشكل أخص علاقة الآباء بالأبناء.
في حديث لأمير المؤمنين علي عليه السلام : (لا تقصروا أولادكم على آدابكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم) فهذا الحديث يدل على وجود الاختلاف المسلم به بين ثقافة الآباء وثقافة الأبناء في فهم الحياة وفي كيفيتها والتعامل معها ، وإن السبيل لحل ذلك الاختلاف هو الفهم المتبادل بين الآباء والأبناء بوجود هذا الاختلاف كنقطة أولى في سبيل التوافق الفكري بين الجيلين وهي من ضمن أهم النقاط التي قد تساعد في وجود علاقة سليمة بين الآباء والأبناء. أيضاً يجب أن لا نغفل عن قبول التعددية الفكرية والحرية الشخصية ومنها تقبل الآخر و دور الاستماع له، فقد نكتشف الكثير من الغموض المتعلق ببناء العلاقة فيما بين الجيلين بسبب التزمت لرأي آحادي الجانب وإغفال رأي الطرف الأخر وهذا لا يقبله المنهج القرآني بصريح العبارة لأنهُ يسبب في قطع سبل التواصل والعلاقات الإنسانية الطيبة المطلوبة في التعايش السلمي بدءاً من أفراد الأسرة هذه المؤسسة الاجتماعية التي هي نواة المجتمع.
و لي هنا قصة قصيرة سمعتها لداعية إسلامي من خلال حضوري لمحاضرة كان يقدمها؛ تحدث فيها حول تأزم علاقة أب مع ابنه والسبب الرئيس يعود لعدم الجلوس بشكل ثنائي والاستماع من الطرف الأخر. و أيضاً في نفس القصة يذكر الداعية حينما بدأ الحديث مع الأب أرشدهُ إلى ما قاله تعالى في بعض الآيات القرآنية والتي فيها تأكيد على أهمية القراءة والتدبر والفهم والعمل بما فيها وأهمية الفهم للبعد الحقيقي لتلك الآيات، لكن الأب لم يمتعن في تلك الآيات بالشكل المطلوب ،وكادت تلك العلاقة الأسرية أن تنهار بسبب قصر الحوار و التواصل والألفة لولا رحمة الله. وكثيراً ما يعاني مجتمعنا من مثل هذه القصة وغيرها والتي أفضى بعضها إلى جرائم قتل و قطيعه فيما بين الآباء والأبناء.
• الحوار والتواصل في المفهوم القرآني
يقول جل شأنه: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ) 2
إن منهجية القرآن الكريم تبين لنا الخطوط العريضة في فهم الحياة والأسلوب الأمثل في التعامل مع مجريات الحياة وبالأخص العلاقة فيما بين الآباء والأبناء ففي وصية لنبي الله لقمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لنا موعظة، فالطريقة التي اتبعها في إيصال المعلومة لابنه يُفهم من معناها وجود خلاصة لتجربة عاشها النبي الكريم في مراحل حياته وأنهُ أراد إيصالها للجيل القادم بشكل عام وهي جداً جميلة ومعبرة لوجود الأسلوب الأمثل في التحاور وفي طريقة طرح المعلومة،و من هنا أوجه دعوة صادقة للجميع لبناء علاقة أسرية قوية ومتينة فيما بين الآباء والأبناء تقوم على التدبر في معاني الآيات الكريمة وخصوصاً تلك التي تهتم بشأن العلاقات الأسرية بشكل أخص كي نصل إلى محصلة جيل مثقف وواعي يحترم معاني القرآن ويعمل بمضامينها وبالتالي ستكون سبيل لصنع جيل مجتمعي قرآني.
يستطيع كل أب وتستطيع كل أم فهم ما يرمي إليه الابن حينما يؤكد الجميع على وجود وقبول ثقافة الاختلاف وحينما يلتزم باحترام تلك المسألة سيصل الأمر في العلاقة الأسرية إلى بناء أجمل وتفاهم راقي يعبر عن فهم حقيقي للقرآن الكريم.
نسأل الله العلي القدير أن نكون قد وفقنا في هذا الطرح، على أمل أن نتابع معكم طرح الرؤى القرآنية حول العلاقات الاجتماعية لعلنا نوفق لمعالجة الواقع الذي يحتاج إلى الوعي الكامل بما بين السطور النورانية لكتاب الله الحكيم .
1- سورة النمل(ايه 76،77)
2- سورة الإسراء (ايه 9)
تعليقات
بحث
عفوا .. التعليق متاح للاعضاء المسجلين بالموقع ,, التسجيل مجانى ويشرفنا انضمامك لنـا!

3.25 Copyright (C) 2007 Alain Georgette / Copyright (C) 2006 Frantisek Hliva. All rights reserved."

آخر تحديث ( الثلاثاء, 26 مايو 2009 15:03 )
 
حقوق النشر © 2024 ملتقى الشباب بسيهات. جميع الحقوق محفوظة.
التعليقات و المقالات تعبر عن رأي أصحابها، و لا تعبّر بالضرورة عن رأي ملتقى الشباب بسيهات
Powered by Joomla

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.