الكاتب عبدالهادي آل محفوظ    الثلاثاء, 07 يوليو 2009 08:27    طباعة
ليس التديَّن هكذا!

بقلم: عبدالهادي آل محفوظ

ما زلنا يوماً بعد يوم نتمسك بالقشر و نترك الجوهر. و نظهر ما لا نفعله و لا نعتقد به و نبطن الدواهي، نقول شيئاً و نفعل شيئاً آخر. إننا بصراحة منغمسين في النفاق الإجتماعي. ذلك المرض الذي يخولنا أن نرتدي مختلف الأقنعة المزيفة التي تستر وجوهنا الحقيقة وراءها. أيضاً هو ذات المرض الذي يجعلنا نمدح و نمجد هذا العمل الإجتماعي في العلن و أمام أربابه،

 

و نحن أنفسنا لا ندع شائبة في هذه الدنيا إلا و نسبناها إليه و وضعناها فيه في الباطن. نعم، نحن منغمسون في الإزدواجية بمختلف جوانبها. ازدواجية التعامل و التعاطي مع الآخرين. إن للتعامل و التعاطي مع الآخرين أهمية بالغة في ديننا الإسلامي حتى حصر نفسه فيه لأهميته و ليس قصد الحصر هو حصر الدين به فقط، بل ديننا الحنيف شامل لم يدع أي مجال من مجالات الحياة إلا و رأيه الصائب وصل إليه و تكلم و تحدث فيه و عنه. و من جملة هذه المجالات، مجال التعامل مع الآخرين. و لا يقصد بالآخرين هنا أولئك الذين لا يدينون دين الإسلام فقط بل تشمل الكلمة كل فرد آخر سواء كان هذا الفرد أباً أو أماً، أخاً أو صديقاً أو أي شخص آخر. و سنختصر في هذا المقال كثيراً بذكر مثال واحد فقط تتضح فيه الإزدواجية في التعامل بصورة خاصة في مجتمعاتنا و قس على هذا المثال الكثير من الأمثلة و الظواهر الأخرى، آملين أن يكون ظاهرنا كما هو باطننا خيراً و مشرفاً من غير أن تشوبه أي شائبة.

بين الأهل و الأصدقاء

قد تجد شخصاً لطيفاً مع أصحابه، الإبتسامة لا تفارق محياه طالما هو مع أصحابه و رفقائه، يقدم المساعدات تلو المساعدات إلى أصحابه، و كل هذه الممارسات لا غبار عليها و لكن المشكلة تبدأ عندما تنقلب هذه الإبتسامة إلى صوت عالٍ و وجهٍ عابس لا يعرف معنى الإبتسابة داخل البيت، فلا يقضى أدنى عمل لأجل بيته و أهله. لماذا؟

و يحضرني  قول الشاعر غازي الحداد الذي يصور ما وصلت إليه حالة التدين و الإلتزام:

مؤمن ملتزم لكنه عبد لذاته
عامل لكن رياء الناس يفني حسناته
وترى حب الظهور قد طغى فوق صفاته
كل مشروع فضيل عده من منجزاته
إن يكن منا نغطي فاضحا من سقطاته
أو يكن من غيرنا ياويله من هفواته
إننا مجتمع لن يرتقي شأن حياته
أترا هل يرتقي من عقله في شهواته ؟
وبنا المتخم بالأكل من الخير الوفير
وله جار معين بات جوعان فقير
وننادي بالعزاء
أننا أهل الولاء
أترا يصفو ولاء القلب والفعل كذوب ؟

* * *

بعضنا يحصر معنى الدين بالوعي السياسي
يفهم الشرع طريقا يوصل القصر الرئاسي
ولآيات كتاب الله في الاخلاق ناسي
فتراه ثائرا لكن على أهله قاسي
ينهر الآباء والبر هو الشرع الأساسي
أحمق من جهله في عيشه ذلا يقاسي
حسب الشرع ضجيجا ضد أصحاب الكراسي
فمضى يملئه الجبن بإيمان حماسي
إنما الدين ندى طيب من الأخلاق فاح
ثم غصن صار رمحا في ميادين الكفاح
ماهو نشر السواد
كل يوم في البلاد
وخلاف وصراخ فوضوي بالدروب

* * *

 

ما المطلوب

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ } (سورة الصف: 2و 3).

 

 

 

تعليقات
بحث
عفوا .. التعليق متاح للاعضاء المسجلين بالموقع ,, التسجيل مجانى ويشرفنا انضمامك لنـا!

3.25 Copyright (C) 2007 Alain Georgette / Copyright (C) 2006 Frantisek Hliva. All rights reserved."

آخر تحديث ( الثلاثاء, 07 يوليو 2009 08:36 )