الكاتب فؤاد آل مكي    الثلاثاء, 26 مايو 2009 14:19    طباعة
كربلاء .. والدور الإعلامي

بقلم: فؤاد علي آل مكي

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» سورة الحجر
وجاء في خطبة السيدة زينب عليها السلام ليزيد بن معاوية ( كد كيدك واسعى سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا) 
• فكر العطاء ...وثورة الحسين
أقسم الباري جل وعلا على نفسه حفظ الدين وإبقائه على مر العصور برغم كيد الحاسدين والمبغضين. فمع تزايد الحملات الشرسة والمنظمة على الإسلام والمسلمين من الغرب والمتآمرين من العرب على حد سواء، الإ أننا نجد أن الدين باقي ويتزايد عدد الباحثين عن حقيقة الدين الإسلامي وماهيته مع إزداياد تلك الهجمات المقصود منها هدم الدين وأركانه. بقاء الدين الإسلامي الصحيح إلى هذا العصر إنطلق من اليوم الذي قرر فيه الإمام الحسين عليه السلام الوقوف ضد الظلم والفساد والحكم الظالم بشتى الطرق والوسائل المشروعة. وفي نهاية الأمر قدم النفس فداء لبقاء الدين. ذلك الفكر الحسيني أعطى للمنتمين للنهج الإسلامي بشتى أطيافهم منظومة العطاء المستمر من أجل بقاء الدين وإستقرارة. فنرى المجاهد بنفسه ودمه، المجاهد بماله، المجاهد بفكرة وعطائه الثقافي من أجل الرقي بمستوى الفكر الإسلامي وإستيعاب المضمامين الحقيقية للإسلام.
• الدور الإعلامي في معركة كربلاء
من الوسائل التي أستخدمها الإمام الحسين عليه السلام من أجل محاربة الفساد والحكومات الظالمة، هو الدور الإعلامي على مرحلتين. الأولى تتمثل مع اليوم الذي عزم فيه الإمام على التصدي للمخطط الأموي،فمن خطب الإمام عليه السلام قبل يوم العاشر ما يبين أسباب خروجه ضد الحاكم الظالم وأن ذلك من الواجبات المحتمه عليه فعلها كإمام وصي لله في الأرض. ومن ثم خطبه يوم العاشر في جمع الأنصار من جانب ، وجيش أبن زياد وأعوانه في الجانب الأخر. أيضاً الحسين عليه السلام إستطاع بتقديمه عدة نماذج يمكن أن توصل أهداف كربلاء أن يشد الإنتباه إلى لتلك الفاجعة الأليمة ،فحينما قدم الشيخ الكبير ,الأخ, الإبن, الصاحب, المرأة, وأخيراً الطفل، كل هذه الشخصيات لعبت دوراً هاماً في التوعية لدور النهضة الحسينية سواء من خلال الإستشهاد أو من خلال الإعلام الذي تلى يوم عاشوراء من خلال تبيان الظلامة التي وقعت على أهل البيت. بعد ذلك تواصل الدور الإعلامي لحركة الإمام الحسين النهضويه عن طريق الدور الإعلامي لواقعة كربلاء تجسد في شخصيتين مهمتين: الأولى شخصية الإمام زين العابدين عليه السلام, والشخصية الثانية هي العقية زينب عليها السلام. وبإرادة إلهيه كان الإمام زين العابدين عليه السلام هو توجيه السيدة زينب بسبب مرضه. وقد كان دور السيدة زينب موازياً لدور الإمام الحسين، حيث أوصلت مجريات الأحداث إلى مسامع الصغير قبل الكبير في طريق السبي من كربلاء إلى الشام. إعطاء الإمام الحسين عليه السلام السيدة زينب دور الريادة في إيصال صوت كربلاء إلى أرجاء المعمورة لهو علم ومعرفة لدى الإمام المعصوم بما يلي أولاً :دور الإعلام المهم في متابعة الثورة الحسينية. فبعد إنتهاء المعركة وإنصراف المقاتلين كان لزاماً أن يصل صوت الحسين ومظلوميته للناس والإ ستكون معركة كربلاء شبيهة بأي معركة حربية من فوز فريق وهزيمة الأخر.
الثاني: إختياره لشخصية السيدة زينب عليها السلام لتمثيل الدور الإعلامي لما تحمله من علم ومعرفة وأنها تستطيع إيصال صوت كربلاء بالشكل الحقيقي بدون أي مغالطات أو مزايدات.
• دور الإعلام الحسيني في يومنا الحاضر
نستنتج من كل ذلك أن الدور الإعلامي لواقعة كربلاء كان الدور المهم والمكمل لتلك الحادثة. ومما زادة أهمية أنه جسد الحقائق بدون أي مغالطات مع وجود الشواهد الكيفية التي حصلت يوم الطف ومنها السبي والتعذيب للنساء والأطفال, وقطع الرؤوس من أجساد الشهداء .
ودور الأمس يتجدد اليوم عبر إيصال صوت المنبر الحسيني والفعاليات الحسينية إلى شتى بقاع الأرض، شريطة أن يكون ذلك الصوت الصدى الحقيقى والواقعي لتلك الفعالية بدون أي مزايدات التي تؤثر سلباً في المسيرة الحسينية على المدى البعيد. فالبعد عن تضخيم الأعمال الحسينية والمصالح الشخصية التي من المفترض أن تكون خالصة النية لوجه الله تعالى حتماً ستلاقي التوفيق والنجاح بالإضافة إلى الدعم من الجميع. في المقابل نجد أن هنالك مزايدات وتضخيم لبعض الأعمال الحسينية والتي نتمنى أن لايكون قد شابها الرياء لأجل الظهور والبروز الإعلامي . نحن نريد نقل ثقافة الفعالية الحسينية بفكرها لا بمظهرها. نريد الحفاظ على مقدسات الإمام عبر نقل تلك السيرة للأجيال القادمة والباحثين عن الحقيقة. فحينما يتم تغطية فعالية فقط بالمظهر الخارجي والصور، نكون قد أغفلنا الجانب الأهم من إحياء شعيرة عاشوراء الحسين وهي ثقافة الفكر والوعي بالمفهوم الحسيني الرسالي . وسيترتب على ذلك عدة أمور أهمها أن نقل المشاهد لن ينفع الباحثين والمتتبعين لسيرة الإمام الحسين ، فحينما يروا بعض الصور النوعية هنا وهناك فهي لن تنقل الثقافة والفكر الحسيني الأصيل كما يجب وإنما ستؤصل محدودية الرؤيا الفكرية لدى المشاهد. فهل كربلاء عبارة عن مشاهد لرسومات ومعزين وما إلى ذلك..؟!
أضف إلى ذلك تنامي أحد النوعين من الأجيال:
o تربية الجيل القادم على ثقافة الصورة والمظاهر والتي قد تعمق النظرة بالإتجاه السلبي إلى أحداث عاشوراء بشكل خاص وإلى الأحداث الدينية بشكل عام بحيث يكون الوعي الثقافي مهمشاً وللأسف سيكون هذا هو السائد إذا لم يتم معالجة الأمر.
o ثقافة الفكر .. وهي ما نحتاجها في عصرنا الحالي .. مع وجود هذا الكم الهائل من الثورة الإعلامية يأتي دور الجيل المربي (أباء وأمهات ) والمجتمع بشكل عام إلى نشر الثقافة التوعوية التي تنمي على نحو دائم عقلية المتلقي ويكون لبنه من لبنات المستقبل من خلال الكم الثقافي الذي إستقاه عبر الخطب والمنابر الحسينية. وعبر التقارير والكتب التي تحاكي تلك الخطب الملقاه، وهذا ما أدعو إليه وهو بالفعل ما نحتاجه.
فسابقاً يتفاخر البعض بأن المثقف الشيعي لديه الكثير من العلم والمعرفة ،، ومع التغيير الحاصل والتوجه نحو نشر الثقافة القشرية من الخطب والمحاضرات عبر الصور المرئية فقط وبدون أي تقارير نصية تنقل الصورة الحقيقية للمنبر الحسيني فإننا نرى الفرق يزداد بين ثقافة الفرد الفكرية بين الأمس واليوم، أتسائل إلى أين سيؤول المطاف بالأجيال القادمة..؟!
تعليقات
بحث
عفوا .. التعليق متاح للاعضاء المسجلين بالموقع ,, التسجيل مجانى ويشرفنا انضمامك لنـا!

3.25 Copyright (C) 2007 Alain Georgette / Copyright (C) 2006 Frantisek Hliva. All rights reserved."

آخر تحديث ( الثلاثاء, 26 مايو 2009 15:04 )